الخصائص (صفحة 385)

أن من مذهبهم أن يستعملوا من اللغة ما غيره أقوى في القياس منه؛ ألا ترى إلى حكاية أبي العباس عن عمارة قراءته {وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} 1 بنصب النهار وأن أبا العباس قال له 2: ما أردت؟ فقال: أردت "سابقٌ النهار " قال أبو العباس فقلت له: فهلا قلته فقال: لو قلته لكان أوزن أي أقوى. فهذا يدلك3 على أنهم قد يتكلمون بما غيره عندهم4 أقوى منه، "وذلك"5 لاستخفافهم الأضعف إذ لولا ذلك لكان الأقوى أحق وأحرى كما أنهم لا يستعملون المجاز إلا لضرب من المبالغة إذ لولا ذلك لكانت الحقيقة أولى من المسامحة.

"6وإذا كثر على المعنى الواحد ألفاظ مختلفة فسمعت في لغة إنسان واحد فإن أخرى ذلك أن يكون قد أفاد أكثرها أو طرفًا منها من حيث كانت القبيلة الواحدة لا تتواطأ في المعنى الواحد على ذلك كله. هذا غالب الأمر وإن كان الآخر في وجه من القياس جائزًا.

وذلك كما جاء عنهم في أسماء الأسد والسيف والخمر وغير ذلك وكما تنحرف الصيغة7 واللفظ واحد نحو قولهم: هي رَغوة اللبن, ورُغوته, ورِغوته, ورُغاوته ورِغاوته ورُغايته. وكقولهم: الذَرُوح8، والذُرُّوح، والذِّرِّيح، والذُرَّاح، والذُرَّح، والذُرنوح، والذُرحرح، والذُرَّحرح، روينا ذلك كله. وكقولهم: جئته من علُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015