وعلى ما نحن عليه فلو قال لك قائل: كيف تبني من ضرب مثل "حبنطىً " لقلت فيه: "ضربنىً ". ولو قال: كيف تبني مثله من قرأ لقلت: هذا لا يجوز لأنه يلزمني أن أقول: "قرنأى " فأبين النون لوقوعها قبل الهمزة وإذا بانت ذهبت عنها غنتها وإذا ذهبت غنتها1 زال شبهها بحروف اللين في نحو عثوثل2 وخفيدد3، وسرومط وفدوكس وزرارق4، وسلالم وعذافر وقراقر5 -على ما تقدم- ولا يجوز أن تذهب عنها الغنة في هذا الموضع الذي هي محمولة فيه على حروف اللين بما فيها من الغنة التي ضارعتها بها وكذلك جميع حروف الحلق. فلا6 يجوز أيضًا أن تبنى من صرع ولا من جبه ولا من سنح ولا من سلخ ولا من فرغ لأنه كان يلزمك أن تقول: صرنعى وجبنهى وسننحى وسلنخى وفرنغى فتبين النون في هذا الموضع. وهذا "لا يجوز"7؛ لما قدمنا ذكره. ولكن من أخفى النون عند الخاء والغين في نحو منخل ومنغل8، يجوز على مذهبه أن يبني نحو حبنطى من سلخ وفرغ لأنه قد يكون هناك في لغته من الغنة ما يكون مع حروف الفم.
وقلت مرة لأبي علي -رحمه الله- قد حضرني شيء في علة الإتباع في " نقيذ "9 وإن عري أن تكون عينه حلقية وهو قرب القاف من الخاء والغين فكما10 جاء11 عنهم النخير والرغيف كذلك جاء عنهم "النقيذ " فجاز أن تشبه القاف لقربها من حروف الحلق بها كما شبه من أخفى النون عند الخاء والغين إياهما بحروف الفم، فالنقيذ في الإتباع