وذلك أن يشبه شيء شيئًا من موضع فيمضى حكمه على حكم الأول ثم يرقى منه إلى غيره.
فمن ذلك قولهم: جالس الحسن أو ابن سيرين "ولو "1 جالسهما جميعًا لكان مصيبًا مطيعًا لا مخالفًا وإن كانت "أو " إنما هي في أصل وضعها لأحد الشيئين.
وإنما جاز ذلك في هذا الموضع لا لشيء رجع إلى نفس "أو " بل لقرينة انضمت من جهة المعنى إلى "أو ". وذلك لإنه قد عرف أنه إنما رغب في مجالسة الحسن لما لمجالسه في ذلك من الحظ وهذه الحال موجودة في مجالسة ابن سيرين أيضًا وكأنه قال: جالس2 هذا الضرب من الناس. وعلى ذلك جرى النهي في هذا الطرز من القول في قول الله سبحانه: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا} 3 وكأنه -والله أعلم- قال: لا تطع هذا الضرب من الناس. ثم إنه لما رأى "أو " في هذا الموضع قد جرت مجرى الواو تدرج من ذلك إلى غيره فأجراها مجرى الواو في موضع عار من هذه القرينة التي سوغته استعمال "أو " في معنى الواو ألا تراه كيف قال 4:
وكان سيان ألا يسرحوا نعما ... أو يسرحوه بها واغبرت السوح5
وسواء وسيان لا يستعمل6 إلا بالواو. وعليه قول الآخر:
فسيَّان حرب أو تبوءوا بمثله ... وقد يقبل الضيم الذليل المسير