فإنهم إنما أعربوه بالحرف1 وإن كان في رتبة الآحاد -وهي الأول- من حيث كان قد صار بالتأنيث إلى حكم الفرعية ومعلوم أن الحرف أقوى من الحركة فقد ترى إلى علم إعراب الواحد أضعف لفظًا من إعراب ما فوقه فصار -لذلك- الأقوى كأنه الأصل والأضعف كأنه الفرع.
ومن ذلك حذفهم الأصل لشبهه عندهم بالفرع ألا تراهم لما حذفوا الحركات -ونحن نعلم أنها زوائد في نحو لم يذهب ولم ينطلق- تجاوزوا ذلك إلى أن حذفوا للجزم أيضًا الحروف الأصول فقالوا: لم يخش ولم ير ولم يغز. ومن ذلك "أيضًا"2 أنهم حذفوا ألف مغزىً3، ومدعىً في الإضافة فأجازوا مغزِيّ ومرمِيّ ومَدعِيّ فحملوا الألف هنا -وهي لام- على الألف الزائدة في نحو4 حبلىّ وسكرىّ. ومن ذلك حذفهم ياء تحية وإن كانت أصلًا حملًا لها على ياء شقية وإن كانت زائدة فلذلك قالوا تحويّ كما قالوا سقويّ وغنويّ في شقية وغنية. وحذفوا أيضًا النون الأصلية في قوله 5:
ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل
وفي قوله6:
كأنهما ملآن لم يتغيرا