وعلى الجملة فكل ما حذف تخفيفًا فلا يجوز توكيده لتدافع حاليه به من حيث1 التوكيد للإسهاب والإطناب والحذف للاختصار والإيجاز. فاعرف ذلك مذهبًا للعرب.
ومما يدلك على صحة ذلك قول العرب -فيما رويناه عن محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى: "راكب الناقة طليحان " كذا رويناه هكذا وهو يحتمل2 عندي وجهين:
أحدهما ما نحن عليه من الحذف فكأنه قال: راكب الناقة والناقة طليحان فحذف المعطوف لأمرين: أحدهما تقدم ذكر الناقة والشيء إذا تقدم ذكره دل3 على ما هو مثله. ومثله من حذف المعطوف قول الله عز وجل: {فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} أي فضرب فانفجرت. فحذف " فضرب " لأنه معطوف على قوله: "فقلنا ". وكذلك قول التغلبي 4:
إذا ما الماء خالطها سخينا5
أي شربنا6 فسخينا. فكذلك قوله: راكب الناقة طليحان أي راكب الناقة والناقة طليحان.
فإن قلت: فهلا كان التقدير على حذف المعطوف عليه أي الناقة وراكب الناقة طليحان قيل يبعد ذلك من وجهين: