فوصفه بالجمع, فإنما ذلك وصف على المعنى, كما حكى أبو الحسن عنهم, من قولهم: "ذهب به الدينار1 الحمر والدرهم البيض " وكما قال:
تراها2 الضبع أعظمهن رأسا
فأعاد الضمير على معنى الجنسية لا على لفظ الواحد, لما كانت الضبع هنا جنسًا. وبنو تميم يقولون: كِلمة وكِلَم, ككِسرة وكِسَر.
فإن قلت: قدمت في أول كلامك أن الكلام واقع على الجمل دون الآحاد, وأعطيت ههنا أنه اسم الجنس؛ لأن المصدر كذلك حاله؛ والمصدر يتناول الجنس وآحاده تناولًا واحدًا. فقد أراك انصرفت عما عقدته على نفسك: من كون الكلام مختصًا بالجمل المركبة, وأنه لا يقع على الآحاد المجردة وأن ذلك إنما هو القول لأنه فيما زعمت يصلح للآحاد, والمفردات, وللجمل المركبات.
قيل: ما قدمناه صحيح وهذا الاعتراض ساقط عنه, وذلك أنا نقول: لا محالة أن الكلام مختص بالجمل, ونقول مع هذا: إنه جنس أي جنس للجمل, كما أن الإنسان من قول الله سبحانه: {إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} جنس للناس, فكذلك الكلام, جنس للجمل, فإذا قال: قام محمد فهو كلام, وإذا قال: قام محمد, وأخوك جعفر فهو أيضًا كلام؛ كما كان لما وقع على الجملة الواحدة كلامًا؛ وإذا قال: