الخصائص (صفحة 249)

وتلاحظه وتتحمل لذلك مشاقه وكلفه وتعتذر من تقصير إن جرى وقتًا منها في شيء منه.

وليس يجوز أن يكون ذلك كله في كل لغة لهم، و1عند كل قوم منهم حتى2 لا يختلف ولا ينتقض ولا يتهاجر على كثرتهم وسعة بلادهم وطول عهد زمان هذه اللغة لهم وتصرفها على ألسنتهم اتفاقًا3 وقع حتى لم يختلف فيه اثنان, ولا تنازعه فريقان إلا وهم له مريدون وبسياقه4 على أوضاعهم فيه معنيون؛ ألا ترى إلى اطراد رفع الفاعل ونصب المفعول والجر بحروف الجر والنصب بحروفه والجزم بحروفه وغير ذلك من حديث التثنية والجمع والإضافة والنسب والتحقير وما يطول شرحه فهل يحسن بذي لب أن يعتقد أن هذا كله اتفاق وقع, وتوارد اتجه.

فإن قلت "فما تنكر "5 أن يكون ذلك شيئًا طبعوا عليه وأجيئوا إليه من غير اعتقاد منهم لعلله6، ولا لقصد من القصود التي تنسبها إليهم في قوانينه وأغراضه بل لأن آخرًا منهم حذا على ما نهج الأول فقال به وقام الأول للثاني في كونه إمامًا له فيه مقام من هدى الأول إليه وبعثه عليه ملكًا كان أو خاطرًا؟

قيل: لن يخلو ذلك أن يكون خبرًا روسلوا به أو تيقظًا نبهوا على وجه الحكمة فيه. فإن كان وحيًا أو ما يجري مجراه فهو أنبه له وأذهب في شرف الحال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015