قوله:
وقالت له العينان سمعًا وطاعة
فإنه وإن لم يكن منهما صوت فإن الحال آذنت بأن لو كان لهما جارحة نطق لقالتا: سمعًا وطاعة. وقد حرر هذا الموضع وأوضحه عنترة بقوله:
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى ... ولكان لو علم الكلام مكلمي
وامتثله شاعرنا1 آخرًا فقال:
فلو قدر السنان على لسان ... لقال لك السنان كما أقول
وقال أيضًا:
لو تعقل الشجر التي قابلتها ... مدت محيية إليك الأغصنا
ولا تستنكر ذكر هذا الرجل -وإن كان مولدًا- في أثناء ما نحن عليه من هذا الموضع وغموضه ولطف متسربه؛ فإن المعاني يتناهبها المولدون كما يتناهبها المتقدمون. وقد كان أبو العباس2 -وهو الكثير التعقب لجلة الناس- احتج بشيء من شعر حبيب3 بن أوس الطائي في كتابه في الاشتقاق, لما كان غرضه فيه معناه دون لفظه, فأنشد فيه له 4:
لو رأينا التوكيد خطة عجز ... ما شفعنا الأذان بالتثويب5