الخصائص (صفحة 22)

في غالب الأمر وأكثر الحال مضر بصاحبه وكالجارح له. فهو إذًا من الكلوم التي هي الجروح. وأما القول فليس في أصل اشتقاقه ما هذه سبيله؛ ألا ترى أنا قد عقدنا تصرف " ق ول" وما كان أيضًا من تقاليبها الستة, فأرينا أن جميعها إنما هو للإسراع والخفة, فلذلك سموا كل ما مذل به اللسان من الأصوات قولًا, ناقصًا كان ذلك أو تامًّا. وهذا واضح مع أدنى تأمل.

واعلم أنه قد يوقع1 كل واحد من الكلام والقول موقع صاحبه, وإن كان أصلهما قبل ما ذكرته؛ ألا ترى إلى رؤبة كيف قال:

لو أنني أوتيت علم الحكل2 ... علم سليمان كلام النمل

يريد قول3 الله عز وجل: {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} وعلى هذا اتسع فيهما جميعًا اتساعًا واحدًا فقال أبو النجم:

قالت له الطير تقدم راشدا ... إنك لا ترجع إلا حامدا

وقال الآخر:

وقالت له العينان سمعًا وطاعة ... وأبدت كمثل الدر لما يثقب4

طور بواسطة نورين ميديا © 2015