إذ لو جاءه الموت نفسه لمات به لا محالة. ومنه تسمية المزادة1 الراوية1 والنجو2 نفسه الغائط, وهو كثير.
فإن قيل: فكيف عبروا عن الاعتقادات والآراء بالقول, ولم يعبروا عنها بالكلام, ولو سووا بينهما أو قلبوا الاستعمال، كان ماذا؟ 3.
فالجواب أنهم إنما فعلوا ذلك من حيث كان القول بالاعتقاد أشبه منه بالكلام وذلك أن الاعتقاد لا يفهم إلا بغيره, وهو العبارة عنه كما أن القول قد لا يتم معناه إلا بغيره ألا ترى أنك إذا قلت: قام وأخليته من ضمير فإنه لا يتم معناه الذي وضع الكلام عليه وله؛ لأنه إنما وضع على أن يفاد معناه مقترنًا بما يسند إليه من الفاعل, وقام هذه نفسها قول, وهي ناقصة محتاجة إلى الفاعل كاحتياج الاعتقاد إلى العبارة عنه. فلما اشتبها من هنا عبر عن أحدهما بصاحبه. وليس كذلك الكلام؛ لأنه وضع على الاستقلال, والاستغناء عما سواه. والقول قد يكون من الفقر4 إلى غيره على ما قدمناه فكان إلى الاعتقاد المحتاج إلى البيان أقرب وبأن يعبر به عنه أليق. فاعرف ذلك.