دخلت على "قل " كافة لها عن عملها, ومثله كَثُر ما, وطالما, فكما دخلت "ما " على الفعل نفسه فكفته عن عمله وهيأته لغير ما كان قبلها متقاضيًا له كذلك تكون ما كافة ل" ليت" عن عملها ومصيرة لها إلى جواز وقوع الجملتين جميعًا بعدها ومن ألغى "ما " عنها وأقر عملها جعلها كحرف الجر في إلغاء "ما " معه نحو قول الله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} وقوله: {عَمَّا قَلِيلٍ} و {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ} ونحو ذلك, وفصل بينها1 وبين "كأن " , و "لعل " بأنها أشبه بالفعل منهما2؛ ألا تراها مفردة وهما مركبتان؛ لأن الكاف زائدة واللام زائدة.
هذا طريق اختلاف العلل لاختلاف الأحكام في الشيء الواحد, فأما أيها أقوى, وبأيها يجب أن يؤخذ؟ فشيء آخر ليس هذا موضعه, ولا وضع هذا الكتاب3 له. ومن ذلك اختلاف أهل الحجاز وبني تميم في هلم.
فأهل الحجاز يجرونها مجرى صه, ومه, ورويد, ونحو ذلك مما سمي به الفعل, وألزم طريقًا واحدًا. وبنو تميم يلحقونها علم التثينة والتأنيث والجمع, ويراعون أصل ما كانت عليه لم. وعلى هذا مساق جميع ما اختلفت العرب فيه.
فالخلاف إذًا بين العلماء أعم منه بين العرب. وذلك أن العلماء اختلفوا في الاعتلال لما اتفقت العرب عليه كما اختلفوا4 أيضًا فيما اختفلت العرب فيه وكل ذهب مذهبًا وإن كان بعضه قويًا وبعضه ضعيفًا.