مبدلة, فتقول: وقتت. فهذه علة الجواز إذًا لا علة الوجوب. وهذا وإن كان في ظاهر ما تراه1 فإنه معنى صحيح وذلك أن الجواز معنى تعقله النفس؛ كما أن الوجوب كذلك فكما أن هنا علة للوجوب فكذلك هنا علة للجواز. هذا أمر لا ينكر، ومعنى مفهوم لا يتدافع.
ومن علل الجواز أن تقع النكرة بعد المعرفة التي يتم2 الكلام بها وتلك النكرة هي المعرفة في المعنى فتكون حينئذ مخيرًا في جعلك تلك النكرة -إن شئت- حالا -وإن شئت- بدلا؛ فتقول على هذا: مررت بزيد رجل صالح على البدل وإن شئت قلت: مررت بزيد رجلا صالحًا على الحال. أفلا ترى كيف كان وقوع النكرة عقيب المعرفة على هذا الوصف علة لجواز كل واحد من الأمرين لا علة لوجوبه.
وكذلك كل ما جاز لك فيه من المسائل الجوابان, والثلاثة, وأكثر من ذلك على هذا الحد فوقوعه عليه علة لجواز ما جاز منه لا علة لوجوبه. فلا تستنكر هذا الموضع.
فإن قلت: فهل تجيز أن يحل السواد محلًا ما فيكون ذلك علة لجواز اسوداده لا لوجوبه؟ قيل: هذا في هذا ونحوه لا يجوز بل لا بد من اسوداده3 البتة، وكذلك البياض والحركة والسكون ونحو ذلك متى حل شيء منها في محل لم يكن له بد من وجود حكمه فيه ووجوبه البتة له لأن هناك أمرًا لا بد من ظهور أثره. وإذا تأملت ما قدمناه رأيته عائدًا إلى هذا الموضع غير مخالف له ولا بعيد عنه وذلك أن وقوع النكرة4 تلية المعرفة -على ما شرحناه من تلك الصفة- سبب لجواز