إنما جاز ما فيه من الفصل " بين ما لا يحسن"1 فصله لضرورة الشعر. وكذلك ما جاء من قصر الممدود ومد المقصور وتذكير المؤنث وتأنيث المذكر ومن وضع الكلام في غير موضعه يحتجون في ذلك وغيره بضرورة الشعر ويجنحون2 إليها مرسلة غير متحجرة وكذلك ما عدا هذا: يسوون بينه ولا يحتاطون فيه فيحرسوا أوائل التعليل له. وهذا هو الذي نتق3 عليهم هذا الموضع حتى اضطرهم إلى القول بتخصيص العلل وأصارهم إلى حيز التعذر والتمحل. وسأضع في ذلك رسمًا يقتاس فينتفع به بإذن الله ومشيئته.
وذلك أن نقول في علة قلب الواو والياء ألفًا: إنهما متى تحركتا حركة لازمة وانفتح ما قبلهما وعرى الموضع من اللبس أو أن يكون في معنى ما لا بد من صحة الواو والياء فيه, أو أن يخرج على الصحة منبهة على أصل بابه, فإنهما يقلبان ألفًا. ألا ترى أنك إذا احتطت في وصف العلة بما ذكرناه سقط عنك الاعتراض عليك بصحة الواو والياء في حوبة وجيل إذ كانت الحركة فيهما عارضة غير لازمة، إنما هي منقولة إليهما من الهمزة المحذوفة للتخفيف في حوأبة4 وجيأل5.
وكذلك يسقط عنك الإلزام لك بصحة الواو والياء في نحو قوله تعالى: {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ} وفي قولك في تفسير قوله عز وجل: {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا