الخصائص (صفحة 139)

فرفع المفعول ونصب الفاعل, قيل لو لم يحتمل1 هذا البيت إلا ما ذكرته لقد كان على سمت من القياس ومطرب2 متورد بين الناس؛ ألا ترى أنه على كل حال قد فرق فيه بين الفاعل والمفعول, وإن اختلفت جهتا الفرق. كيف ووجهه في أن يكون الفاعل فيه مرفوعًا, والمفعول منصوبًا قائم صحيح مقول به. وذلك أن رعن هذا القف لما رفعه الآل فرئي فيه, ظهر به الآل إلى مرآة العين ظهورًا لولا هذا الرعن لم يبن للعين فيه3 بيانه إذا كان فيه؛ ألا تعلم أن الآل إذا برق للبصر رافعًا شخصًا كان أبدى للناظر إليه منه لو لم يلاق شخصًا يزهاه فيزداد بالصورة التي حملها سفورًا وفي مسرح الطرف تجليًا وظهورًا.

فإن قلت: فقد قال الأعشى:

إذ يرفع الآل رأس الكلب فارتفعا4

فجعل الآل هو الفاعل والشخص هو المفعول قيل ليس في هذا أكثر من أن هذا جائز وليس فيه دليل على أن غيره غير جائز؛ ألا ترى أنك إذا قلت ما جاءني غير زيد فإنما في هذا دليل على أن الذي هو غيره لم يأتك فأما زيد نفسه فلم تعرض للإخبار5 بإثبات مجيء له أو نفيه عنه فقد يجوز6 أن يكون قد جاء وأن يكون أيضًا لم يجئ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015