الخصائص (صفحة 129)

لم تنطق بقياسك أنت كنت على ما أجمعوا عليه البتة وأعددت ما كان قياسك أداك إليه لشاعر مولد, أو لساجع, أو لضرورة؛ لأنه على قياس كلامهم. بذلك وصى أبو الحسن.

وإذا فشا الشيء في الاستعمال وقوي في القياس فذلك ما لا غاية وراءه نحو منقاد اللغة من النصب بحروف النصب والجر بحروف الجر والجزم بحروف الجزم وغير ذلك مما هو فاش في الاستعمال, قوي في القياس.

وأما ضعف الشيء في القياس, وقلته في الاستعمال فمرذول1 مطرح؛ غير أنه قد يجيء منه الشيء إلا أنه قليل. وذلك نحو ما أنشده2 أبو زيد من قول الشاعر3:

اضرب عنك الهموم طارقها ... ضربك بالسيف قونس الفرس4

قالوا أراد: "اضربن عنك " فحذف نون التوكيد وهذا من الشذوذ في الاستعمال على ما تراه ومن الضعف في القياس على ما أذكره لك. وذلك أن الغرض في التوكيد إنما هو التحقيق والتسديد5، وهذا مما يليق به الإطناب والإسهاب وينتفي عنه الإيجاز والاختصار. ففي حذف هذه النون نقض الغرض. فجرى وجوب استقباح هذا في القياس مجرى امتناعهم من ادّغام الملحق؛ نحو مهدد وقردد،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015