وغرضه في هذين البيتين أن يريك1 خفضة في حال دعته2. وقريب منه قول لبيد:
يا عين هلا بكيت أربد إذ ... قمنا وقام الخصوم في كبد3
أي: هناك يُعرف قد الإنسان، لا4 في في حال الخلوة والخفيضة5. وعليه قولها6:
يذكرني طلوع الشمس صخرا ... وأذكره لكل غروب شمس
أي وقتى الإغارة والإضافة. وقد كثر جدا. وآخر ما جاء به شاعرنا، قال7:
وإذا ما خلا الجبان بأرض ... طلب الطعن وحده والنزالا
ونظير هذا الإنسان يكون له ابنان أو أكثر من ذلك، فلا يمنعه نجابة النجيب منهما الاعتراف بأدونهما، وجمعه بينهما في المقام الواحد إذا احتاج إلى ذلك.
وقد كنا قدمنا8 في هذا الكتاب حكاية أبي العباس مع عمارة وقد قرأ: "ولا الليل سابقُ النهارَ"9 فقال له "أبو العباس"10: ما أردت؟ فقال: أردت: سابق النهار. فقال: فهلا قلته! فقال عمارة10: لو قلته لكان أوزن.
وهذا يدلك على أنهم قد يستعملون من الكلام ما غيره "آثر في نفوسهم منه"11؛ سعة في التفسح، وإرخاء12 للتنفس13، وشحا على ما جشموه14 فتواضعوه، أن يتكارهوه فيلغوه ويطرحوه. فاعرف ذلك مذهبا لهم، ولا "تطعن عليهم"15 متى ورد عنهم شيء منه.