وقد1 كان يعاب ذو الرمة بقوله:
حتى إذا دومت في الأرض راجعه ... كبر، ولو شاء نجى نفسه الهرب2
فقيل: إنما يقال: دوى في الأرض، ودوم في السماء.
وعيب أيضًا في قوله:
والجيد من أدمانة عنود3
فقيل: إنما يقال4: أدماء وآدم. والأدمان جمع؛ كأحمر وحمران، وأنت لا تقول: حمرانة ولا صفرانة. وكان أبو علي يقول: بنى من هذا الأصل فعلانة؛ كخمصانة.
وهذا ونحوه مما يعتد في أغلاط العرب؛ إلا أنه لما كان من أغلاط هذه الطائفة القريبة العهد، جاز أن نذكره في سقطات العلماء. ويحكى أن أبا عمرو رأى ذا الرمة في دكان طحان بالبصرة يكتب، قال: فقلت: ما هذا يا ذا الرمة! فقال: اكتم علي يا أبا عمرو. ولما قال أيضا:
كأنما عينها منها وقد ضمرت ... وضمها السير في بعض الأضى ميم5
فقيل6 له: من أين عرفت الميم؟ فقال: والله ما أعرفها؛ إلا أني رأيت معلمًا خرج إلى البادية فكتب حرفًا، فسألته عنه، فقال: هذا7 الميم؛ فشبهت به عين الناقة. وقد أنشدوا:
كما بينت كاف تلوح وميمها8