الخصائص (صفحة 117)

على أن هذه المثل كلها جارية مجرى المثال الواحد؛ ألا تراهم لما حذفوا ياء فرازين1، عوضوا منها الهاء في نفس المثال فقالوا فرازنة. وكذلك لما حذفوا فاء عدة2، عوضوا منها نفسها التاء. وكذلك أينق في أحد3 قولي سيبويه فيها: لما حذفوا عينها عوضوا منها الياء في نفس المثال.

فدل هذا وغيره مما يطول تعداده على أن المثال والمصدر واسم الفاعل كل واحد منها يجري عندهم وفي محصول اعتدادهم مجرى الصورة الواحدة حتى إنه4 إذا لزم في بعضها شيء لعلة ما أوجبوه في الآخر وإن عرى في الظاهر من تلك العلة فأما في الحقيقة فكأنها فيه نفسه ألا ترى أنه إذا صح أن جميع هذه الأشياء على اختلاف أحوالها تجري عندهم مجرى المثال الواحد فإذا وجب في شيء منها حكم فإنه لذلك5 كأنه أمر لا يخصه من بقية الباب بل هو6 جار في الجميع مجرى واحدًا لما قدمنا ذكره من الحال آنفًا.

واعلم أن من قوة القياس عندهم اعتقاد النحويين أن ما قيس على كلام العرب فهو عندهم من كلام العرب نحو قولك في قوله: كيف تبني من ضرب مثل جعفر: ضربب هذا من كلام العرب, ولو بنيت مثله ضيرب, أو ضورب, أو ضروب, أو نحو ذلك, لم يعتقد من كلام العرب؛ لأنه قياس على الأقل استعمالا والأضعف قياسًا. وسنفرد لهذا الفصل7 بابًا فإن فيه نظرًا صالحًا 8.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015