وإذا فعلت العرب ذلك أنشأت عن الحركة الحرف من جنسها. فتنشئ بعد الفتحة الألف، وبعد الكسرة الياء، وبعد الضمة الواو. فالألف المنشأة عن إشباع الفتحة ما أنشدناه1 أبو علي لابن هرمة يرثي ابنه: من قوله:
فأنت من الغوائل حين ترمى ... ومن ذم الرجال بمنتزاح2
أراد: بمنتزح: مفتعَل من النازح. وأنشدنا أيضًا لعنترة:
ينباع من ذفرى غضوبٍ جسرة3
وقال: أراد ينبع، فأشبع الفتحة، فأنشأ عنها ألفًا. وقال الأصمعي: يقال انباع الشجاع4، ينباع انبياعًا إذا انخرط بين5 الصفين ماضيًا وأنشد فيه:
يطرق حلمًا وأناةً معًا ... ثمت ينباع انبياع الشجاع6
فهذا7: انفعل ينفعل انفعالًا والألف فيه عين. وينبغي أن تكون عينه واوًا؛ لأنها أقرب معنى من الياء هنا. نعم8، وقد يمكن عندي أن تكون هذه لغة تولدت. وذلك أنه لما سمع "ينباع" أشبه في اللفظ ينفعل9، فجاءوا منه بماض ومصدر، كما ذهب أبو بكر فيما حكاه أبو زيد من قولهم: ضفن الرجل يضفن إذا جاء ضيفًا مع الضيف. وذلك أنه لما سمعهم يقولون: ضيفنٌ، وكانت فيعل أكثر في الكلام من فعلن، توهمه فيعلا فاشتق الفعل منه، بعد أن سبق إلى وهمه هذا فيه، فقال: ضفن يضفن. فلو سئلت عن مثال ضفن يضفن على هذا القول لقلت إذا مثلته على لفظه: فلن يفلن؛ لأن العين قد حذفت. ولهذا موضع نذكره فيه مع بقية أغلاط العرب.
ومن مطل الفتحة عندنا قول الهذلي10:
بينا تعنقه الكماة وروغه ... يوما أتيح له جريء سلفع11
أي بين أوقات تعنقه، ثم أشبع الفتحة فأنشأ عنها ألفا.