ألا تراه لما حذف همزة أشد بقي معه شد كما ترى فكسره على أشد فصار كضَب وأضب وصَك وأصُك.
ومن فك الصيغة -إلا أن ذلك إلى الزيادة لا إلى النقص- ما حكاه الفراء من قولهم في جمع أتون: أتاتين. فهذا كأنه زاد على عينه عينًا أخرى فصار من1 فَعُول مخفف العين إلى فعوُّل مشددها فتصوره2 حينئذ على أتون فقال فيه: أتاتين كسفّود وسفافيد وكلّوب وكلاليب. وكذلك قولهم في تحقير رجل: رويجل "فهذا ليس"3 بتحقير رجل، لكنه نقله من فَعُل إلى فاعل فصار إلى راجل ثم حينئذ قال في تحقيره: رويجل. وعليه عندي4 قولهم في جمع دانق: دوانيق. وذلك أنه زاد على فتحة عينه ألفًا فصار دأناق ثم كسره على دوانيق كساباط وسوابيط. ولا يحسن أن يكون زاد حرف اللين على المكسور العين منهما لأنه كان يصير حينئذ إلى دانيق وهذا مثال معدوم عندهم ألا ترى أنه ليس في كلامهم فاعيل. ولك في دانق لغتان: دانَق ودانِق كخاتَم وخاتِم وطابَق وطابِق. وإن شئت قلت: لما كسره5 فصار إلى دوانق أشبع الكسرة فصار: دوانيق كالصياريف والمطافيل6 وهذا التغيير المتوهم كثير. وعليه باب7 جميع ما غيرته الصنعة عن حاله ونقلته من صورة إلى صورة ألا تراك أنك لما أردت الإضافة إلى عدي حذفت ياءه الزائدة بقي معك عديٌ فأبدلت من الكسرة فتحة فصار إلى عدَيٍ8 ثم أبدلت من يائه ألفًا فصار إلى عَدًا9 ثم وقعت ياء الإضافة من
بعد، فصار التقدير به إلى عداي، ثم احتجت إلى حركة الألف التي هي لام لينكسر ما قبل ياء الإضافة، فقلبتها واوًا فقلت: عَدَوي. فالواو الآن في "عَدَوِي"، إنما هي بدل من ألف عداي، وتلك الألف بدل من ياء عدي وتلك الياء10 بدل واو عدوت11؛ على ما قدمنا كمن حفظ المراتب فاعرف ذلك.
ومن فك الصيغة قوله:
قد دنا الفصح فالولائد ينظـ ... ـم ن سراعًا أكلة المرجان12
فهذا13 جمع إكليل، فلما حذفت الهمزة وبقيت الكاف ساكنة فتحت، فصار إلى كليل، ليكون كدليل، ونحوه فعليه جاء أكلة؛ كدليل وأدلة.