الخصائص (صفحة 1000)

وقال أبو العباس في قولهم: "أساء سمعا فأساء جابة": إن أصلها إجابة، ثم كثر فجرى مجرى المثل، فحذفت همزته تخفيفًا فصارت جابة. فقد تركب الآن من قوله هذا وقولي1 أبي الحسن والخليل مذهب طريف. وذلك أن أصلها اجوابة فنقلت الفتحة من العين إلى الفاء فسكنت العين "وألف إفعالة بعدها ساكنة فحذفت الألف على قول الخليل، والعين"2 على قول3 أبي الحسن، جريا على خلافهما4 المتعالم من مذهبيهما في مقول ومبيع. فجابة على قول الخليل إذا ضامه "قول أبي العباس"5 فعلة ساكنة العين، وعلى قول أبي الحسن إذا ضامه قول أبي العباس فالة 6.

"أفلا ترى"7 إلى هذه الذي أدى إليه مذهب أبي العباس في هذه اللفظة "وأنه8 قول" مركب ومذهب لولا ما أبدعه فيه أبو العباس لكان غير هذا.

وذلك أن الجابة -على الحقيقة- فعلة مفتوحة العين، جاءت على أفعل بمنزلة أرزمت9 السماء رزمة، وأجلب القوم جلبة. ويشهد أن10 الأمر كذا، ولا11 كما ذهب إليه أبو العباس قولهم: أطعت طاعة، وأطقت طاقة. وليس واحدة12 منهما بمثل ولا كثرت13 فتجري مجرى المثل فتحذف همزتها، إلا أنه تركب من قول أبي العباس فيها إذا سبق على مذهبي الخليل وأبي الحسن ما قدمناه: من كونها فعلة ساكنة العين "أو فالة"14 كما ترى. وكذا كثير من المذاهب التي هي مأخوذة من قولين ومسوقة على أصلين: هذه حالها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015