وأمره اذا أحكم ذلك من نفسه حتى يستمر عليه في قوله وفعله، أن يختار من يخلفه وينوب منابه جاريا فيه مجراه، ومتبعا فيه جميع حدوده، وما مثله أمير المؤمنين منه، وان يكون أما من أقرباء أمير المؤمنين، أو من أفاضل المسلمين.
هذا عهد أمير المؤمنين اليك. فاعتمد مرضاته باتباعه، وتوخ موافقته بالوقوف عندما أمر به وحده، ومستشعرا في جميع ذلك خشية الله، ومراقبته وفي كل ما يأمر به تقى الله وطاعته. وأمير المؤمنين يسأل الله أن يحسن توفيقك، وتسديدك وارشادك، لما فيه جمال أمرك وصواب فعلك.
هذا ما عهد به أمير المؤمنين الى فلان بن فلان حين ولاه الحرب والاحداث بناحية كذا [وكذا] «31» . أمره بتقوى الله، وخشيته في سر أمره وعلانيته، والاعتصام به والعمل بطاعته، والاصلاح ما بينه، وبينه بالعمل الزكي والخلق الرضي.
وأمره أن يتعهد نفسه في تطهير مذهبه، والمحافظة على دينه، وأمانته والعلم بأنه لا حول ولا قوة الا بالله، في جميع تصرفه وسائر تقلبه. وان أمير المؤمنين لم يوله ما ولاه، الا رجاء أن يكون عنده من الضبط والكفاية، والذب والسياسة ما يرأب به أهل العبث والفساد، وتصلح معه الرعية والبلاد.
وأمره أن يتجنب مساخط الله ومحارمه، ويتعدى مناهيه ومأثمه، وكف من معه من الجند والحاشية، عن التخطي الى ظلم أحد من الرعية، ومساواتهم بأذية وبحضهم على لزوم الاستقامة، وسلوك نهج الطاعة، ومقارعة أعداء الله في البلاد، والتصنع لهم بأفضل العدة والعتاد.