وأمره أن يجعل مجلسه عند تحاكم «13» الناس اليه، في مسجد الجماعة، من البلد الذي يحله اذ كان اولى المجالس بالمعدلة، لانه مبذول للضعيف ذي الخلة «14» والقريب والبعيد النازح المحلة، وأن يخرج اليه اذا خرج بوقار وتؤدة وهدي وسكينة، والا يتعرض للحكم وهو على حال رفض، ولا غرض يحفزانه عن انفاذ ما يبته ويمضيه، ويحولان بينه وبين البت فيما يقطع به ويرتئيه، بل يتقمن «15» أعدل حالاته وأرشدها، وأفضل أوقاته وأحمدها، والا ينهض من مجلسه حتى يقضي «16» بحق الله عليه في الصبر والمبالغة، واستقصاء ما بين الخصوم من المنازعة، وان يحسن لهم الاصاخة، ويجمل لهم المخاطبة.

وأمره أن لا يحابي شريفا لشرفه، اذا كان الحق عليه، ولا يزري بوضيع لضعفه اذا كان الحق معه، وان تكون محاورته لمن علت طبقته، واتضعت منزلته واحدة، حتى لا يبأس «17» الضعيف من النصفة، ولا يطمع القوي الظالم في الظفر بالغلبة.

وأمره أن ينظر فيما يرد عليه، فما وجده في كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه) أمضاه، وقضى به، وما خالفهما طرحه ولم يعبأ بشيء منه، فان الله تعالى «18» يقول: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)

عظة من الله للحكام وتحذيرا لهم وتغليظا عليهم، وحق لامر به يسفك الدم ويستحل الفرج، ويوكل المال ان يقع فيه التغليظ والتشديد، ويقرن به التخويف والتحذير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015