قَالَ: وَحَدَّثَنِي حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأودي قَالَ: شهِدت عُمَرُ ابْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يُصَابَ بِثَلاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَاقِفًا عَلَى حُذَيْفَة بن الْيَمَانِ وَعُثْمَانَ بْنِ حَنِيفٍ وَهُوَ يَقُولُ لَهُمَا: لَعَلَّكُمَا حَمَّلْتُمَا الأَرْضَ مَا لَا تُطِيقُ. وَكَانَ عُثْمَانُ عَامِلا عَلَى شَطِّ الْفُرَاتِ، وَحُذَيْفَةُ على مَا رواء دِجْلَةَ مِنْ جَوْخَى وَمَا سَقَتْ؛ فَقَالَ عُثْمَانُ: حَمَّلْتُ الأَرْضَ أَمْرًا هِيَ لَهُ مطيقة ولوشئت لأَضْعَفْتُ أَرْضِي.
وَقَالَ حُذَيْفَةُ: وَضَعْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا هِيَ لَهُ مُحْتَمِلَةٌ، وَمَا فِيهَا كَثِيرَة فَضْلٍ؛ فَقَالَ عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: انْظُرَا لَا تَكُونَا حَمَّلْتُمَا الأَرْضَ مَا لَا تُطِيقُ، أَمَا لَئِنْ بَقِيتُ لأَرَامِلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ لأَدَعُهُنَّ لَا يَحْتَجْنَ إِلَى أَحَدٍ بَعْدِي، وَكَانَ حُذَيْفَةُ عَلَى خَتْمِ جَوْخَى وَعُثْمَانُ بْنُ حَنِيفٍ عَلَى خَتْمِ أَسْفَلِ الْفُرَاتِ -خَتْمِ الأَعْنَاقِ، قَالَ: وَأَوْصَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي وَصِيَّتِهِ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ أَن يُوفى لَهُم بعدهمْ وَلا يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ وَأَنْ يُقَاتل من ورائهم1.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا الْمُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ لَمَّا أَرَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنْ يَمْسَحَ السَّوَادَ أَرْسَلَ إِلَى حُذَيْفَةَ: أَنِ ابْعَثْ إِلَيَّ بِدِهْقَانٍ مِنْ جَوْخَى. وَبَعَثَ إِلَى عُثْمَانَ بْنَ حَنِيفٍ: أَنِ ابْعَثْ إِلَيَّ بِدِهْقَانٍ مِنْ قِبَلِ الْعِرَاقِ؛ فَبَعَثَ إِلَيْهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِوَاحِدٍ وَمَعَهُ تَرْجُمَانُ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ؛ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: كَيْفَ كُنْتُمْ تُؤَدُّونَ إِلَى الأَعَاجِمِ فِي أَرْضِهِمْ؟ قَالُوا: سَبْعَةٌ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا؛ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: لَا أَرْضَى بِهَذَا مِنْكُمْ، وَوَضَعَ عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ2 عَامِرٍ أَوْ غَامِرٍ يَنَالُهُ الْمَاءُ قَفِيزًا مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ قَفِيزًا مِنْ شَعِيرٍ وَدِرْهَمًا؛ فمسحا على ذَلِك؛ فَكَانَت مساحتها مُخْتَلِفَةٌ. كَانَ عُثْمَانُ عَالِمًا بِالْخَرَاجِ فَمَسَحَهَا مِسَاحَةَ الدَّيْبَاجِ، وَأَمَّا حُذَيْفَةُ فَكَانَ أهل جوخى قوما مَنَاكِير فَلَعِبُوا بِهِ فِي مِسَاحَتِهِ، وَكَانَتْ جَوْخَى يَوْمَئِذٍ عَامِرَةٌ فَخَرِبَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَغَارَتْ مِيَاهُهَا وَقَلَّتْ مَنَافِعُهَا، وَصَارَتْ وَظِيفَتُهَا يَوْمَئِذٍ هَيِّنَةٌ لِمَا كَانُوا عَمِلُوا عَلَى حُذَيْفَةَ فِي مِسَاحَتِهِ3.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِمَارَةَ عَنِ الْحَكَمِ بن عتيبة عَن عَمْرو بن مَيْمُون وَجَارِيَة بْنِ مُضَرِّبٍ قَالَ: بَعَثَ عُمَرُ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنهُ عُثْمَان بن حَنِيفٍ عَلَى السَّوَادِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يمسحه فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ عَامِرٍ أَوْ غَامِرٍ مِمَّا يُعْمَلُ مِثْلُهُ درهما