أَنْشَدَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ الْخَيْمِيُّ لِنَفْسِهِ عَلَى سَطْحِ جَامِعِ الْفِيَلَةِ بِالْعِرَاقِ الْغَرْبِيِّ الْقَصِيدَ الَّتِي فِيهَا:
بِاللَّهِ إِنْ جِئْتَ كُثْبَانًا بِذِي سَلَمٍ ... قِفْ بِي عَلَيْهَا وَقُلْ لِي هَذِهِ الْكُثُبُ
لِيَقْضِيَ الْخَدُّ مِنْ أَجْرَاعِهَا وَطَرًا ... مِنْ تُرْبِهَا وَأُؤَدِّي بَعْضَ مَا يَجِبُ
وَمِلْ إِلَى الْبَانِ مِنْ شَرْقِيِّ كَاظِمَةٍ ... فَلِي إِلَى الْبَانِ مِنْ شَرْقِيِّهَا طَرَبُ
وَخُذْ يَمِينًا لِمَغْنًى تَهْتَدِي بِشَذَا ... نَسِيمِهِ الرَّطْبِ إِنْ ضَلَّتْ بِكَ النُّجُبُ
حَيْثُ الْهِضَابُ وَبَطْحَاهَا بِرَوْضَتِهَا ... دَمْعُ الْمُحِبِّينَ لا الأَنْوَاءُ وَالسُّحُبُ
عَاهَدْتُ قِدْمًا حُبَّ مَنْ حَسُنَتْ ... بِهِ الْمَلاحَةُ وَاعْتَزَّتْ بِهِ الرِّيَبُ
دَانٍ وَأَدْنَى وَعِزُّ الْحُسْنِ يَحْجُبُهُ ... عَنِّي وَذُلِّيَ وَالإِجْلالُ وَالرَّهَبُ
يَا لَهْفَ نَفْسِي لَوْ يُجْدِي تَلَهُّفُهَا ... غَوْثًا وَوَا حَرْبًا لَوْ يَنْفَعُ الْحَرْبُ
يَمْضِي الزَّمَانُ وَأَشْوَاقِي مُضَاعَفَةٌ ... يَا لَلرِّجَالِ وَلا وَصْلٌ وَلا سَبَبُ
حَيًّا إِذَا مِتٌّ مِنْ شَوْقٍ لِرُؤْيَتِهِ ... بِأَنَّنِي لِهَوَاهُ فِيهِ مُنْتَسِبُ
وَلَسْتُ أَعْجَبُ مِنْ حُبِّي وَصِحَّتِهِ ... مِنْ صِحَّتِي إِنَّمَا سَقَمِي هُوَ الْعَجَبُ
يَا بَارِقاً بِأَعَالِي الرِّقْمَتَيْنِ بَدَا ... لَقَدْ حَكَيْتَ وَلَكِنْ فَاتَكَ الشَّنَبُ
وَيَا نَسِيمًا جَرَى مِنْ جَوِّ كَاظِمَةٍ ... بِاللَّهِ قُلْ لِي كَيْفَ الْبَانُ وَالْعَذْبُ
وَكَيْفَ جِيرَةُ ذَاكَ الْحَيِّ هَلْ حَفِظُوا ... عَهْدًا أُرَاعِيهِ إِنْ شَطُّوا وَإِنْ قَرُبُوا
أَمْ ضَيَّعُوا وَمُرَادِي مِنْكَ ذِكْرُهُمُ ... هُمُ الأَحِبَّةُ إِنْ أَعْطَوا وَإِنْ سَلَبُوا
إِنْ كَانَ يُرْضِيهُمُ إِبْعَادُ عَبْدِهِمُ ... فَالْعَبْدُ مِنْهُمْ بِذَاكَ الْبُعْدِ مُقْتَرِبُ
وَالْهَجْرُ إِنْ كَانَ يُرْضِيهِمْ بِلا سَبَبٍ ... فَإِنَّهُ مِنْ لَذِيذِ الْوَصْلِ مُحْتَسِبُ