من شأن يعقوب ويوسف عليهما الصلاة والسّلام حين يقول تعالى: قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ، قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ
[1] . وكان هذا من يعقوب بعد أن قال يوسف اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ
[2] . ولذلك قال: وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ
[1] ثمّ قال: فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً
[3] .
وإنّما هذا علامة ظهرت له خاصة؛ إذ كان النّاس لا يشتمّون أرواح [4] أولادهم إذا تباعدوا عن أنوفهم، وما في طاقة الحصان الذي يجد ريح الحجر [5] ممّا يجوز الغلوتين والثّلاث [6] . فكيف يجد الإنسان وهو بالشّام ريح ابنه في قميصه، ساعة فصل من أرض مصر؟! ولذلك قال: أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ
[7] .
وقد غبر [8] موسى وهو يسير أربعين عاما، لا يذوق ذواقا [9] . وجاع أهل المدينة في تلك الحطمة [10] ، حتى كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يشدّون الحجر على بطونهم، من الجوع والجهد [11] . وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم، وعلى آله الطّيبين الطاهرين