وربداء يكفيها الشّميم وما لها ... سوى الرّبد من أنس بتلك المجاهل
يخبر أنّ النّعامة لا تستأنس بشيء من الوحش، وأنّ الشّمّ يغنيها في فهم ما تحتاج إليه.
وهي مع ذلك إذا صارت إلى دور النّاس، فليس معها من الوحشة منهم، على قدر ما يذكرون.
وفي الوحش ما يأنس، وفيها ما لا يأنس. وقال كثيّر [1] : [من الطويل]
فأقسمت لا أنساك ما عشت ليلة ... وإن شحطت دار وشطّ مزارها
وما استنّ رقراق السّراب وما جرت ... ببيض الرّبا أنسيّها ونوارها [2]
ووصف بلادا قفارا غير مأنوسة فقال [3] : [من الخفيف]
ما ترى العين حولها من أنيس ... قربها غير رابدات الرّئال [4]
خصّها بالذّكر؛ لأنها أنفر وأشرد، وأقلّ أنسا من جميع الوحش.
وقال الأحيمر [5] : كنت آتي الظّبي حتى آخذ بذارعيه؛ وما كان شيء من بهائم الوحش ينكرني إلّا النّعام. وأنشد قول ذي الرّمّة [6] : [من الطويل]
وكلّ أحمّ المقلتين كأنّه ... أخو الإنس من طول الخلاء المغفّل [7]