والنّاس ربما اجتلبوا السّنانير ليدفعوا بها بوائق الفأر- فكيف صار خلق الضّارّ المفسد من الله، وخلق النّافع من الضّرر من خلق الشيطان؟! والسّنّور يعدى به على كلّ شيء خلقه الشّيطان من الحيّات، والعقارب، والجعلان، وبنات وردان، والفأرة لا نفع لها، ومؤنها عظيمة.
قال: لأنّ السّنّور لو بال في البحر لقتل عشرة آلاف سمكة! فهل سمعت بحجّة قطّ، أو بحيلة، أو بأضحوكة، أو بكلام ظهر على تلقيح هرة، يبلغ مؤن هذا الاعتلال؟! فالحمد لله الذي كان هذا مقدار عقولهم واختيارهم.
وأنشد أبو زيد [1] : [من الرجز]
والله لو كنت لهذا خالصا ... لكنت عبدا آكل الأبارصا
يعني جماع سامّ أبرص: أبارص.
وسامّ أبرص ربّما قتل أكله، وليس يؤكل إلّا من الجوع الشّديد. وربما قتل السّنانير وبنات عرس، والشّاهمرك [2] ، وجميع اللّقاطات.
وقال آخر [3] : [من الوافر]
كأنّ القوم عشّوا لحم ضأن ... فهم نعجون قد مالت طلاهم
وهو شيء يعرض عن أكل دسم الضّأن، وهو أيضا يلقى على دسمه النّعاس.
وقد يفعل ذلك الحيق. والخشخاش.
والخشخاش يسمّى بالفارسيّة «أناركبو» وتأويله رمّان الخسّ. وإنما اشتقّ له ذلك إذ كان يورث النّعاس، كما يورثه الخس.
وأكل الطّعام الذي فيه سمان يورث الدّوار. وزعموا أنّ صبيّا من الأعراب فيما