والرّقية الأخرى بما يعرف من التعويذ. قال أبو عبيدة: سمعت أعرابيّا يقول:
قد جاءكم أحدكم يسترقيكم فارقوه. قال: فعوّذوه ببعض العوائذ.
والوجه الآخر مشتقّ من هذا ومحمول عليه، كالرّجل يقول: ما زال فلان يرقي فلانا حتّى لان وأجاب.
وقد قالت الشعراء في الجاهليّة والإسلام في رقى الحيات، وكانوا يؤمنون بذلك ويصدقون به، وسنخبر بأقاويل المتكلمين في ذلك، وبالله التوفيق.
ومنهم من زعم أنّ إخراج الحيّة من جحرها إلى الرّاقي، إنما كان للعزيمة والإقسام عليها، ولأنّها إذا فهمت ذلك أجابت ولم تمتنع.
وكان أميّة بن أبي الصّلت، لا يعرف قولهم في أنّ العمّار هم الذين يجيبون العزائم بإخراج الحيّات من بيوتها، وفي ذلك يقول [1] : [من البسيط]
والحيّة الذّكر الرّقشاء أخرجها ... من جحرها أمنات الله والقسم
إذا دعا باسمها الإنسان أو سمعت ... ذات الإله بدا في مشيها رزم [2]
من خلفها حمّة لولا الذي سمعت ... قد كان ثبتها في جحرها الحمم [3]
ناب حديد وكفّ غير وادعة ... والخلق مختلف في القول والشّيم [4]
إذا دعين بأسماء أجبن لها ... لنافث يعتديه الله والكلم [5]
لولا مخافة ربّ كان عذّبها ... عرجاء تظلع، في أنيابها عسم [6]
وقد بلته فذاقت بعض مصدقه ... فليس في سمعها، من رهبة صمم [7]
فكيف يأمنها أم كيف تألفه ... وليس بينهما قربى، ولا رحم!