الحيوان (صفحة 792)

وكأنّ ملقاه بكلّ تنوفة ... ملقاك كفّة منخل مأطور [1]

وكأنّ شدقيه إذا استعرضته ... شدقا عجوز مضمضت لطهور

فقد زعمت [2] كما ترى أنها تدير عينا، وزعم الأوّل أنها قائمة العين [3] . إلّا أن تزعم أنها لم ترد بالإدارة أن مقلتها تزول عن موضعها، ولكنّها أرادت أنّها جوّالة في إدراك الأشخاص، البعيدة والقريبة، والمتيامنة والمتياسرة وقد يجوز أن يكون إنّما جعلها سميعة لدقّة الحسّ، وكثرة الاكتراث وجودة الشمّ، لا جودة السّمع؛ فإنّ الذين زعموا أنّ النّعامة صمّاء زعموا أنّها تدرك من جهة الشمّ والعين، جميع الأمور التي كانت تعرفها من قبل السّمع لو كانت سميعة. وقد قال الشاعر في صفة الحيّة [4] : [من البسيط]

تهوي إلى الصّوت والظلماء عاكفة ... تعرّد السّيل لاقى الحيد فاطّلعا [5]

هذا بعد أن قال:

إني وما تبتغي منّي كملتمس ... صيدا وما نال منه الرّيّ والشّبعا

أهوى إلى باب جحر في مقدّمه ... مثل العسيب ترى في رأسه نزعا

اللّون أربد والأنياب شابكة ... عصل ترى السمّ يجري بينها قطعا [6]

أصم ما شمّ من خضراء أيبسها ... أو شمّ من حجر أوهاه فانصدعا

فقد جعل لها أنيابا عصلا، ووصفها بغاية الخبث، وزعم أنها تسمع. فهؤلاء ثلاثة شعراء.

1092-[الثقة بالعلماء]

فإن قلت: إنّ المولّد لا يؤمن عليه الخطأ، إذ كان دخيلا في ذلك الأمر، وليس كالأعرابيّ الذي إنما يحكي الموجود الظاهر له، الذي عليه نشأ، وبمعرفته غذي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015