الصحارى ضبابا. والضب لا يحفر إلّا في كدية [1] وفي بلاد العراد [2] . وإذا هرمت تبلّغت بالنّسيم. وهذا كله ممّا يستدلّ به على بعد طبعها من اللّخن والعفن.
وقيل لهم: قد يمكن أن يكون ذلك كذلك في جميع صفاتها إلّا في أرحامها فقط.
وليس للحيّات سفاد معروف ينتهي إليه علم، ويقف عليه عيان. وليس عند الناس في ذلك إلّا الذي يرون من ملاقاة الحيّة للحيّة، والتواء كلّ منهما على صاحبه، حتى كأنهما زوج خيزران مفتول، أو خلخال مفتول. فأمّا أن يقفوا على عضو يدخل أو فرج يدخل فيه فلا.
والعرب تذكر الحيّات بأسمائها وأجناسها. فإذا قالوا: أيم، فإنما يريدون الذّكر دون الأنثى. ويذكرونه عند جودة الانسياب، وخفّة البدن، كما تذكر الشّعراء في صفة الخيل الجرادة الذّكر، دون الأنثى. فهم وإن ألحقوا لها فإنما يريدون الذّكر. قال بشر بن أبي خازم [3] : [من الوافر]
جرادة هبوة فيها اصفرار
لأنّ الأنثى لا تكون صفراء، وإنما الموصوف بالصّفرة الذّكر، لأن الأنثى تكون بين حالتين: إمّا أنّ تكون حبلى ببيضها فهي مثقلة، وإمّا أن تكون قد سرأت [4] وقذفت بيضها، فهي أضعف ما تكون.
قال الشاعر [5] : [من الطويل]
أتذهب سلمى في اللّمام ولا ترى ... وفي اللّيل أيم حيث شاء يسيب [6]