وفيه عشرون رجلا، فيجري ذكر التّنّين فينكره بعضهم. وأصحاب التثبت يدّعون العيان. والموضع قريب، ومن يعاينه كثير. وهذا اختلاف شديد.
والأعراب تقول في الأصلة قولا عجيبا: تزعم أنّ الحيّة التي يقال لها الأصلة لا تمرّ بشيء إلّا احترق. مع تهاويل كثيرة، وأحاديث شنيعة.
وتزعم الفرس أنّ الأجدهاني أعظم من البعير، وأنّ لها سبعة رؤوس، وربّما لقيت ناسا فتبتلع من كلّ جهة فم ورأس إنسانا. وهو من أحاديث الباعة والعجائز.
وقد زعم صاحب المنطق أنّه قد ظهرت حيّة لها رأسان. فسألت أعرابيّا عن ذلك فزعم أنّ ذلك حقّ. فقلت له: فمن أي جهة الرّأسين تسعى؟ ومن أيّهما تأكل وتعضّ؟ فقال: فأمّا السّعي فلا تسعى، ولكنّها تسعى إلى حاجتها بالتقلب، كما يتقلّب الصّبيان على الرّمل. وأمّا الأكل فإنها تتعشى بفم وتتغدّى بفم. وأمّا العضّ فإنها تعضّ برأسيها معا!! فإذا به أكذب البريّة. وهذه الأحاديث كلها، ممّا يزيد في الرعب منها، والاستهالة لمنظرها.
ومثل شأن التّنّين مثل أمر فرانق [1] الأسد، فإنّ ذكره يجري في المجلس، فيقول بعضهم: أنا رأيته وسمعته!
وربما زاد في الرعب منها والاستهالة لمنظرها قول جميع المحدّثين: إنّ من أعظم ما خلق الله الحية والسّرطان والسّمك!
وتقول الأعراب: إنّ الحية أطول عمرا من النّسر، وإن الناس لم يجدوا حية قطّ ماتت حتف أنفها، وإنما تموت بالأمر يعرض لها. وذلك لأمور؛ منها قولهم: إنّ فيها شياطين، وإنّ فيها من مسخ، وإنّ إبليس إنما وسوس إلى آدم وإلى حوّاء من جوفها.