وقد قال الشّاعر [1] : [من الكامل]
والطيّبون معاقد الأزر
وقد يخلو الرّجل بالمرأة فيقول: وجدتها طيّبة. يريد طيّبة الكوم [2] ، لذيذة نفس الوطء. وإذا قالوا: فلان طيّب الخلق، فإنما يريدون الظّرف والملح.
وقال الله عزّ وجلّ: حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ
[3] يريد ريحا ليست بالضعيفة ولا القويّة.
ويقال: لا يحلّ مال امرئ مسلم إلّا عن طيب نفس منه. وقال الله عزّ وجلّ:
فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً
[4] وقال: لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ
[5] وذلك إذ كانت طيّبة الهواء والفواكه، خصيبة.
وقال: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ
[6] ثم قال: الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ
[7] .
وفي هذا دليل على أنّ التأويل في امرأة نوح وامرأة لوط، عليهما السلام، على غير ما ذهب إليه كثير من أصحاب التّفسير: وذلك أنهم حين سمعوا قوله عزّ وجلّ:
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما
[8] فدلّ ذلك على أنّه لم يعن الخيانة في الفرج.