الحيوان (صفحة 599)

777-[فائدة دوام النظر إلى الخضرة]

وقلت له مرّة [1] : قيل لما سرجويه: ما بال الأكرة [2] وسكّان البساتين، مع أكلهم الكرّاث والتمر، وشروبهم ماء السّواقي على المالح [3] أقلّ النّاس خفشانا وعميانا وعمشانا وعورا؟ قال: إني فكّرت في ذلك فلم أجد له علّة إلّا طول وقوع أبصارهم على الخضرة.

778-[من لا يتقزّز من الذّبّان والزنابير والدّود]

قال ابن الجهم: ومن أهل السّفالة ناس يأكلون الذّبّان، وهم لا يرمدون. وليس لذلك أكلوه وإنما هم كأهل خراسان الذي يأكلون فراخ الزّنابير، والزّنابير ذبان، وأصحاب الجبن الرّطب يأخذون الجبنة التي قد نغلت دودا، فينكتها أحدهم حتّى يخرج ما فيها من الدّود في راحته، ثم يقمحها [4] كما يقمح السّويق. وكان الفرزدق يقول: ليت أنّهم دفعوا إليّ نصيبي من الذبان ضربة واحدة، بشرط أن آكله لراحة الأبد منها. وكان كما زعموا شديد التقذّر لها والتقزّز منها.

779-[دعاء أحد القصاص]

وقال ثمامة [5] : تساقط الذبّان في مرق بعض القصّاص وعلى وجهه فقال: كثرّ الله بكنّ القبور! وحكى ثمامة [6] عن هذا القاصّ أنه سمعه بعبّادان يقول في قصصه: اللهمّ منّ علينا بالشهادة، وعلى جميع المسلمين.

780-[قصّة في عمر الذّباب]

وقال لي المكّيّ مرّة: إنما عمر الذبّان أربعون يوما، قلت: هكذا جاء في الأثر.

وكنّا يومئذ بواسط في أيّام العسكر وليس بعد أرض الهند أكثر ذبابا من واسط، ولربّما رأيت الحائط وكأنّ عليه مسحا [7] شديد السّواد من كثرة ما عليه من الذبّان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015