وأمّا أعلام الحركة، فالطيران في علوّ، ومدّ العنق في سموّ، وقلة الاضطراب في جوّ السماء، وضمّ الجناحين في الهواء، وتدافع الركض في غير اختلاط، وحسن القصد في غير دوران، وشدّة المدّ في الطيران. فإذا أصبته جامعا لهذه الخصال فهو الطائر الكامل. وإلا فبقدر ما فيه من المحاسن تكون هدايته وفراهته.
قال [1] : فاعلموا أنّ الحمام من الطير الرقيق، الذي تسرع إليه الآفة، وتعروه الأدواء، وطبيعته الحرارة واليبس. وأكثر أدوائه الخنان [2] والكباد [3] ، والعطاش، والسل، والقمّل. فهو يحتاج إلى المكان البارد والنّظيف، وإلى الحبوب الباردة كالعدس والماش والشّعير المنخول. والقرطم له بمنزلة اللّحم للإنسان؛ لما فيه من قوّة الدّسم.
فممّا يعالج به الكباد [4] : الزّعفران والسكر الطبرزد، وماء الهندباء يجعل في سكرّجة، ثمّ يوجر ذلك أو يمجّ في حلقه مجّا وهو على الرّيق.
وممّا يعالج به الخنان [4] : أن يليّن لسانه يوما أو يومين بدهن البنفسج، ثمّ بالرّماد والملح، يدلك بها حتّى تنسلخ الجلدة العليا التي غشيت لسانه. ثمّ يطلى بعسل ودهن ورد، حتّى يبرأ.
وممّا يعالج به السّلّ [4] : أن يطعم الماش [5] المقشور، ويمجّ في حلقه من اللّبن الحليب، ويقطع من وظيفيه عرقان ظاهران في أسفل ذلك، مما يلي المفصل من باطن.
وممّا يعالج به القمّل: أن يطلى أصول ريشه بالزّيبق المحلّل بدهن البنفسج، يفعل به ذلك مرّات حتى يسقط قمله؛ ويكنس مكانه الذي يكون فيه كنسا نظيفا.
وقال: اعلم أنّ الحمام والطير كلّها لا يصلح التّغمير به من البعد. وهدايته على