الحيوان (صفحة 517)

ومن سنّتهم [1] : أنّ كلّ من علا الكعبة من العبيد فهو حرّ، لا يرون الملك على من علاها، ولا يجمعون بين عزّ علوّها وذلة الملك.

وبمكة رجال من الصّلحاء لم يدخلوا الكعبة قطّ.

وكانوا في الجاهليّة لا يبنون بيتا مربّعا؛ تعظيما للكعبة [2] . والعرب تسمّي كلّ بيت مربّع كعبة، ومنه: كعبة نجران [3] . وكان أوّل من بنى بيتا مربّعا حميد بن زهير، أحد بني أسد بن عبد العزّى.

ثمّ البركة والشفاء الذي يجده من شرب من ماء زمزم على وجه الدهر وكثرة من يقيم عليه يجد فيه الشفاء، بعد أن لم يدع في الأرض حمّة إلّا أتاها، وأقام عندها، وشرب منها، واستنقع فيها [4] .

هذا مع شأن الفيل، والطّير الأبابيل، والحجارة السّجّيل، وأنّها لم تزل أمنا ولقاحا [5] ، لا تؤدّي إتاوة، ولا تدين للملوك، ولذلك سمّي البيت العتيق؛ لأنّه لم يزل حرّا لم يملكه أحد.

وقال حرب بن أميّة في ذلك [6] : [من الوافر]

أبا مطر هلمّ إلى صلاح ... فتكفيك النّدامى من قريش

فتأمن وسطهم وتعيش فيهم ... أبا مطر هديت لخير عيش

وتنزل بلدة عزّت قديما ... وتأمن أن يزروك ربّ جيش

وقال الله عزّ وجلّ: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى

[7] وقال عزّ وجلّ، حكاية عن إبراهيم: رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ

[8] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015