فأنا أستحسن هذا الكلام، كما أستحسن جواب الأعرابيّ حين قيل له: كيف تجدك؟ قال: أجدني أجد ما لا أشتهي، وأشتهي ما لا أجد [1] !
وقيل لابن المقفّع: ما لك لا تجوز البيت والبيتين والثلاثة! قال: إن جزتها عرفوا صاحبها. فقال له السائل: وما عليك أن تعرف بالطّول الجياد؟! فعلم أنّه لم يفهم عنه.
ونقول: إن الفرق بين المولّد والأعرابي: أنّ المولّد يقول بنشاطه وجمع باله الأبيات اللاحقة بأشعار أهل البدو، فإذا أمعن انحلّت قوّته، واضطرب كلامه.
وفي شبيه بمعنى مهلهل وأبي نواس، في التّعظيم والإطراق عند السّادة، يقول الشاعر في بعض بني مروان [2] : [من البسيط]
في كفّه خيزران ريحه عبق ... في كفّ أروع في عرنينه شمم
يغضي حياء ويغضى من مهابته ... فما يكلّم إلّا حين يبتسم
إن قال قال بما يهوى جميعهم ... وإن تكلّم يوما ساخت الكلم
كم هاتف بك من داع وهاتفة ... يدعوك يا قثم الخيرات يا قثم
وقال أبو نواس في مثل ذلك [3] : [من المديد]
فترى السادات ماثلة ... لسليل الشّمس من قمره
فهم شتّى ظنونهم ... حذر المطويّ من خبره