تفقّأ فوقه القلع السّواري ... وجنّ الخازباز به جنونا [1]
وفي مثل ذلك يقول الأعشى [2] : [من الخفيف]
وإذا الغيث صوبه وضع القد ... ح وجنّ التّلاع والآفاق
لم يزدهم سفاهة نشوة الخم ... ر ولا اللهو فيهم والسّباق
وقال آخر في باب المزاح والبطالة، مما أنشدنيه أبو الأصبغ بن ربعيّ: [من الطويل]
أتوني بمجنون يسيل لعابه ... وما صاحبي إلّا الصّحيح المسلّم
وأنشدني إبراهيم بن هانئ، وعبد الرحمن بن منصور: [من الطويل]
جنونك مجنون ولست بواجد ... طبيبا يداوي من جنون جنون
وكان إبراهيم بن هانئ لا يقيم شعرا ولا أدري كيف أقام هذا البيت! وكان يدّعى بحضرة أبي إسحاق علم الحساب، والكلام، والهندسة، واللحون، وأنه يقول الشعر؛ فقال أبو إسحاق: نحن لم نمتحنك في هذه الأمور، فلك أن تدّعيها عندنا. كيف صرت تدّعي قول الشعر، وأنت إذا رويته لغيرك كسرته؟! قال:
فإنّي هكذا طبعت، أن أقيمه إذا قلت، وأكسره إذا أنشدت! قال أبو إسحاق: ما بعد هذا الكلام كلام!
وقلت لأعرابيّ، أيّما أشدّ غلمة: المرأة أو الرجل؟ فأنشد [3] : [من الطويل]
فو الله ما أدري وإنّي لسائل ... ألأير أدنى للفجور أو الحر
وقد جاء هذا مرخيا من عنانه ... وأقبل هذا فاتحا فاه يهدر
وأنشد بعضهم [4] : [من الخفيف]
أصبح الشّيب في المفارق شاعا ... واكتسى الرأس من بياض قناعا