زنجيّ يحجمه، وقد وضع على كاهله وأخدعيه محاجم، كل محجمة كأنّها قعب، وقد مصّ دمه حتّى كاد أن يستفرغه. قال: فوقفت عليه فقلت: يا شيخ لم تحتجم في هذا البرد؟ قال لمكان هذا الصّفار [1] الذي بي.
وحدثني ثمامة قال [2] : حدّثني سعيد بن مسلم قال: كنا بخراسان في منزل بعض الدّهاقين ونحن شباب، وفينا شيخ. قال: فأتانا ربّ المنزل بدهن طيب فدهن بعضنا رأسه، وبعضنا لحيته، وبعضنا مسح شاربه، وبعضنا مسح يديه وأمرّهما على وجهه، وبعضنا أخذ بطرف إصبعه فأدخل في أنفه ومسح به شاربه. فعمد الشيخ إلى بقيّة الدّهن فصبّها في أذنه، فقلنا له: ويحك، خالفت أصحابك كلّهم! هل رأيت أحدا إذا أتوه بدهن طيب صبّه في أذنه؟ قال: فإنّه مع هذا يضرّني؟
وحدّثني مسعدة بن طارق الذّرّاع قال [3] : والله إنّا لوقوف على حدود دار فلان للقسمة، ونحن في خصومة، إذ أقبل عيص سيّد بني تميم وموسرهم والذي يصلّي على جنائزهم. فلمّا رأيناه مقبلا إلينا أمسكنا عن الكلام، فأقبل علينا فقال: حدّثوني عن هذه الدّار، هل ضمّ منها بعضها إلى بعض أحد؟! قال مسعدة: فأنا منذ ستين سنة أفكّر في كلامه ما أدري ما عنى به. قال: وقال لي مرّة: ما من شر من ذين! قلت:
ولم ذاك؟ قال: من جرا يتعلقون.
وحدّثني الخليل بن يحيى السّلوليّ قال [4] : نازع التميميّ بعض بني عمّه في حائط، فبعث إلينا لنشهد على شهادته، فأتاه جماعة منهم الحميريّ والزهريّ، والزّياديّ، والبكراوي. فلمّا صرنا إليه وقف بنا على الحائط وقال: أشهدكم جميعا أنّ نصف هذا الحائط لي!
قال: وقدم ابن عمّ له إلى عمر بن حبيب، وادّعى عليه ألف درهم فقال ابن