الحيوان (صفحة 451)

وردان [1] تدع قعر البئر وفيه كرّ [2] خراء وهو لها مسلم وعليها موفر، وتجيء تطلب اللّطاخة التي في است أحدنا وهو قاعد على المقعدة، فتلزم نفسها الكلفة الغليظة، وتتعرّض للقتل، وإنّما هذا الذي في أستاهنا قيراط من ذلك الدرهم، وقد دفعنا إليها الدّرهم وافيا وافرا. قال: فضحك القوم، فحرّك نوفل رأسه ثم قال: أتضحكون؟! قد والله سأل الرجل فأجيبوا! وأمّا أنا فقد- والله- فكّرت فيها منذ ستّين سنة، ولكنّكم لا تنظرون في شيء من أمر صناعتكم. لا جرم أنّكم لا ترتفعون أبدا! قال له الموسوس: قل- يرحمك الله- فأنت زعيم القوم، فقال نوفل: قد علمنا أنّ الرّطب أطيب من التّمر، والحديث أطرف من العتيق، والشيء من معدنه أطيب، والفاكهة من أشجارها أطرف. قال: فغضب شريكه مسبّح الكنّاس ثم قال: والله لقد وبّختنا، وهوّلت علينا، حتى ظننّا أنّك ستجيب بجواب لا يحسنه أحد، ما الأمر عندنا وعند أصحابنا هكذا. قال: فقال لنا الموسوس: ما الجواب عافاكم الله، فإنّي ما نمت البارحة من الفكرة في هذه المسألة؟ قال مسبّح: لو أنّ لرجل ألف جارية حسناء ثم عتقن عنده لبردت شهوته عنهنّ وفترت، ثمّ إن رأى واحدة دون أخسّهن في الحسن صبا إليها ومات من شهوتها. فبنت وردان تستظرف تلك اللطاخة وقد ملّت الأولى؛ وبعض الناس الفطير أحبّ إليهم من الخمير. وأيضا إنّ الكثير يمنع الشّهوة، ويورث الصّدود. قال: فقال الموسوس- واستحسن جواب مسبّح، بعد أن كان لا يرى جوابا إلّا جواب نوفل-: لا تعرف مقدار العالم حتّى تجلس إلى غيره! أنتم أعلم أهل هذه المدرة، ولقد سألت علماءها عنه منذ عشرين سنة فما تخلّص أحد منهم إلى مثل ما تخلّصهم إليه. وقد والله- أنمتم عيني، وطاب بكم عيشي! وقد علمنا أنّ كلّ شيء يستلب استلابا أنّه ألذ وأطيب. ولذلك صار الدّبيب إلى الغلمان ونيكهم على جهة القهر ألذ وأطيب، وكلّ شيء يصيبه الرّجل فهو أعزّ عليه من المال الذي يرثه أو يوهب له.

9-[علة الحجاج بن يوسف]

قال: وحدّثني أبان بن عثمان قال: قال الحجّاج بن يوسف: والله لطاعتي أوجب من طاعة الله؛ لأنّ الله تعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ

[3] فجعل فيها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015