كرهتم قسمتي الوتر لا يجيء إلّا هكذا، فهل لكم في قسمة الشّفع؟ قلنا: نعم.
فضمّهنّ إليه، ثم قال: أنت وابناك ودجاجة أربعة. ورمى إلينا بدجاجة، ثمّ قال:
والعجوز وابنتاها ودجاجة أربعة، ورمى إليهنّ بدجاجة، ثمّ قال: أنا وثلاث دجاجات أربعة، وضمّ إليه الثّلاث، ورفع يديه إلى السماء وقال: اللهم الحمد، أنت فهّمتنيها!
قال صاحب الكلب: [أمّا قولهم] «1» : من أعظم مفاخر الدّيك والدّجاج على سائر الحيوان، إنّ الفرّوج يخرج من البيضة كاسيا يكفي نفسه، ثمّ يجمع كيس الخلقة وكيس المعرفة، وذلك كلّه مع خروجه من البيضة- فقد زعم صاحب المنطق أنّ ولد العنكبوت يأخذ في النّسج ساعة يولد. وعمل العنكبوت عمل شاق ولطيف دقيق، لا يبلغه الفرّوج ولا أبو الفرّوج!! على أنّ ما مدحوا الفرّوج به من خروجه من البيضة كاسيا، قد شركه في حاله غير جنسه. وكذلك ذوات الأربع كلها تلد كواسي كواسب، كولد الشاء.
وفراخ القبج والدّرّاج، وفراخ البطّ الصّينيّ في ذلك كلّه لا حقة بالفراريج، وتزيد على ذلك أنّها تزداد حسنا كلّما كبرت. فقد سقط هذا الفخر.
ومن الشّعر الذي قيل في الدّيك، ممّا يكتب للهزل وليس للجدّ والفائدة، قول أبي الشّمقمق: [من مجزوء الرمل]
هتفت أمّ حصين ... ثمّ قالت: من ينيك
فتحت فرجا رحيبا ... مثل صحراء العتيك
فيه وزّ فيه بطّ ... فيه درّاج وديك
قال: وممّا فيه ذكر الدجاج وليس من شكل ما بنينا كلامنا عليه. ولكنّه يكتب لما فيه من العجب. قال: قال الهامرز. قال «2» صاحب الأهواز: ما رأينا قوما أعجب من العرب! أتيت الأحنف بن قيس فكلّمته في حاجة لي إلى ابن زياد، وكنت قد ظلمت في الخراج، فكلّمه فأحسن إليّ وحطّ عنّي، فأهديت إليه هدايا كثيرة فغضب وقال: إنّا لا نأخذ على معونتنا أجرا! فلمّا كنت في بعض الطريق سقطت من ردائي