طرف سعف الأخرى وجاورتها، وضيّقت عليها في الهواء، وكذلك أطراف العروق في الأرض- كان ذلك كربا عليها وغمّا.
قالوا: فتدانيها وتضاغطها، وأنفاسها وأنفاس أبدانها، يحدث لها فسادا.
قال: وكما أنّ الحمام إذا كثرت في الكنّة «1» والشريحة احتاجت إلى شمس وإلى ماء تغتسل فيه في بعض الأحايين، وإلى أن تكون بيوتها مكنوسة في بعض الأوقات ومرشوشة، وإلّا لم يكن لها كبير بيض. على أنّه إذا كان لها في الصميمين الدّفء في الشتاء والكنّ في الصيف، لم تغادر الدّهر كلّه أن تبيض.
قال صاحب الدّيك: فخرتم للكلب بكثرة ما اشتقّ للأشياء من اسم الكلب، وقد اشتقّ لأكثر من ذلك العدد من البيض، فقالوا لقلانس الحديد: بيض، وقالوا:
فلان يدفع عن بيضة الإسلام، وقالوا «2» : قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: أنا بيضة البلد. وفي موضع الذمّ من قولهم «3» : [من البسيط]
تأبى قضاعة أن تدري لكم نسبا ... وابنا نزار وأنتم بيضة البلد
ويسمّى رأس الصّومعة والقبّة بيضة. ويقال للمجلس إذا كان معمورا غير مطوّل بيض جاثمة، ويقال للوعاء الذي يكون فيه الحبن والخراج- وهو الذي يجتمع فيه القيح- بيضة. وقال الأشتر بن عبادة: [من الوافر]
يكفّ غروبها ويغضّ منها ... وراء القوم خشية أن يلاموا
مظاهر بيضتين على دلاص ... به من وقعة أخرى كلام
وقال النابغة: [من الوافر]
فصبّحهم ململمة رداحا ... كأن رؤوسهم بيض النعام «4»
وقال العجير السّلولي: [من الطويل]
إذا البيضة الصّمّاء عضّت صفيحة ... بحربائها صاحت صياحا وصلّت