ولقد رأيت سنّورا وثب على فرخ عصفور فأخطأه فتناول الفرخ بعض الغلمان فوضعه في البيت، فكان أبوه يجىء حتى يطعمه، فلمّا قوي وكاد يطير جعله في قفص، فرأيت أباه يجيء يتخرّق السّنانير وهي تهمّ به، حتّى يدخل إليه من أعلى فتح الباب، وهي تهمّ بالوثوب والاختطاف له، حتّى يسقط على القفص فينازعه ساعة، فإذا لم يجد إلى الوصول سبيلا طار فسقط خارجا من البيت، ثمّ لا يصبر حتّى يعود.
فكان ذلك دأبه. فلمّا قوي فرخه أرسلوه معه فطارا جميعا.
وعرفنا أنّه الأب دون الأمّ لسواد اللّحية.
قال: والدليل على أنّ صوت الدّيك كريه في السّماع، غير مطرب، قول الشاعر «1» : [من الكامل]
ذكر الصّبوح بسحرة فارتاحا ... وأملّه ديك الصّباح صياحا
أوفى على شعف الجدار بسدفة ... غردا يصفّق بالجناح جناحا «2»
قال: ويدلّ على صغر قدر الدّجاج عندهم قول بشّار بن برد الأعمى «3» : [من الوافر]
بجدّك يا ابن أقرع نلت مالا ... ألا إنّ اللّئام لهم جدود
فمن نذر الزّيادة في الهدايا ... أقمت دجاجة فيمن يزيد
قال: وإذا كثر الدّجاج في دار أو إصطبل أو قرية، لم يكن عدد بيضها وفراريجها على حسب ما كان يبيض القليل منهنّ ويفرخه. يعرف ذلك تجّار الدّجاج ومن اتخذها للغلّة.
وهي بمصر ترعى كما يرعى الغنم، ولها راع وقيّم.