وتحرّك بطنه فأتى المتوضّأ وتحرّك الحمّال والسّاجور «1» في عنقه، فرجعت نفس الحمال، فلمّا لم يحسّ بأحد عنده، قصد نحو باب الدار، وخرح وزياره «2» في عنقه، وتلقّته جماعته فأخبرهم الخبر، وتصايح النّاس فأخذوا عن آخرهم.
وقد كان بالكوفة شبيه بذلك، وفي غيرها من البلدان. فقال حماد الرّاوية، وذكر المرميّين بالخنق من القبائل وأصحاب القبائل والنّحل، وكيف يصنع الخنّاق، وسمّى بعضهم فقال «3» : [من الطويل]
إذا سرت في عجل فسر في صحابة ... وكندة فاحذرها حذارك للخسف
وفي شيعة الأعمى زيار وغيلة ... وقشب وإعمال لجندلة القذف «4»
وكلّهم شرّ على أنّ رأسهم ... حميدة والميلاء حاضنة الكسف
متى كنت في حيّي بجيلة فاستمع ... فإنّ لهم قصفا يدلّ على حتف
إذا اعتزموا يوما على خنق زائر ... تداعوا عليه بالنّباح وبالعزف
وأمّا ذكره لبني عجل فلمكان ذي الضفرتين وغيره من بني عجل. وأمّا ذكره كندة، فقد أنشدنا سفيان بن عيينة، وأبو عبيدة النحويّ: [من الهزج]
إذا ما سرّك العيش ... فلا تأخذ على كنده «5»
ومن كندة أبو قصبة أخذ بالكوفة وقتل وصلب.
وكان بالكوفة ممّن يأكل لحوم النّاس عديّة المدنية الصّفراء. وكان بالبصرة رادويه صاحب قصاب رادويه.
وأمّا الأعمى في بني ضبّة الذي ذكره فهو المغيرة بن سعيد صاحب المغيريّة، وهم صنف ممّن يعمل في الخنق بطريق المنصوريّة.
والمغيرة هذا من موالي بجيلة، وهو الخارج على خالد بن عبد الله القسريّ، وعند ذلك قال خالد وهو على المنبر: أطعموني ماء!