إذا شاء، وإتمامه إذا شاء، وبلوغ غايته، والانصراف عنه إلى عقيبه من الأفعال، ومن جهته تعرّف العلل، ويمكنه إكراه نفسه على المقاييس والتكلّف والتأتّي.
ومتى كانت الآلة موجودة فإنّها تنبيك على مكانها، وإلّا كان وجودها كعدمها. وبالحسّ الغريزيّ تشعر صاحبها بمكانها، لا يحتاج في ذلك إلى تلقين وإشارة، وإلى تعليم وتأديب، وإن كان صاحب الآلة أحمق من الحبارى «1» ، وأجهل من العقرب «2» ، والعاقل الممكّن لا يفضل في هذا المكان على الأشياء المسخّرة، ولا ينفصل منها في هذا الباب.
وليس عند البهائم والسباع إلّا ما صنعت له، ونصبت عليه، وألهمت معرفته وكيفيّة تكلّف أسبابها والتعلّم لها من تلقاء أنفسها. فإذا أحسن العنكبوت نسج ثويّه «3» وهو من أعجب العجب، لم يحسن عمل بيت الزنبور. وإذا صنع النّحل خلاياه مع عجيب القسمة التي فيها، لم يحسن أن يعمل مثل بيت العنكبوت.
والسّرفة- التي يقال: «أصنع من سرفة» «4» لا تحسن أن تبني مثل بيت الأرضة، على جفاء هذا العمل وغلظه، ودقّة ذلك العمل ولطافته.
وليس كذلك العاقل وصاحب التمييز، ومن ملك التصرّف، وخوّل «5» الاستطاعة، لأنّه يكون ليس بنجّار فيتعلّم النّجارة، ثمّ يبدو له بعد الحذق الانتقال إلى الفلاحة. ثمّ ربّما ملها بعد أن حذقها، وصار إلى التجارة.
وقال صاحب الكلب: وزعمت أنّ قولهم «أسمح من لافظة» «6» أن اللافظة الدّيك، لأنّه يعضّ على الحبّة بطرفي منقاره. ثمّ يحذف بها قدّام الدّجاجة. وما رأينا