هرّ، ولا دعا بماء، حتّى إذا رآه صاح: ردّوه! ولا بال جروا ولا علقا، ولا أصابه ممّا يقولون قليل ولا كثير. ولم أجد أحدا من تلك المشايخ، يشكّ أنّهم لم يروا كلبا قطّ أكلب ولا أفسد طبعا منه. فهذا الذي عاينت.
وأما الذي بلغني عن هؤلاء الثقات فهو الذي قد كتبته لك.
وفي الكلب الكلب أنشد الأعرابي: [من الرجز]
حيّاكم الله فإنّي منقلب ... وإنّما الشاعر مجنون كلب
أكثر ما يأتي على فيه الكذب
إما أن يكون الشعر لهميان وإما أن يكون للزّفيان.
وأنشدني: [من الطويل]
فإن كنتم كلبى فعندي شفاؤكم ... وفي الجنّ إن كان اعتراك جنون «1»
وأنشدني: [من الوافر]
وما أدري إذا لاقيت عمرا ... أكلبى آل عمرو أم صحاح
قال: فأما المكلب الذي يصيب كلابه داء في رؤوسها يسمّى الجحام «2» فتكوى بين أعينها.
وسنذكر مسألة كلاميّة، وإنّما نذكرها لكثرة من يعترض في هذا ممّن ليس له علم بالكلام.
ولو كان أعلم الناس باللغة، لم ينفعك في باب الدين حتّى يكون عالما بالكلام.
وقد اعترض معترضون في قوله عزّ وجل: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ. وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى