وقال آخر: [من الطويل]
وعاو عوى واللّيل مستحلس الندى ... وقد زحفت للغور تالية النّجم «1»
وذلك أنّ الرجل إذا كان باغيا أو زائرا، أو ممّن يلتمس القرى، ولم ير بالليل نارا، عوى ونبح، لتجيبه الكلاب، فيهتدي بذلك إلى موضع الناس.
وقال الشاعر: [من الطويل]
ومستنبح أهل الثّرى يلمس القرى ... إلينا وممساه من الأرض نازح «2»
وقال عمرو بن الأهتم: [من الطويل]
ومستنبح بعد الهدوّ دعوته ... وقد حان من ساري الشّتاء طروق «3»
فهذا من عواء الفصيل والذئب والكلب.
وقال صاحب الكلب: وممّا قالوا في أنس الكلب وإلفه، وحبّه لأهله ولمن أحسن إليه قول ابن الطّثريّة: [من الكامل]
يا أمّ عمرو أنجزي الموعودا ... وارعي بذاك أمانة وعهودا «4»
ولقد طرقت كلاب أهلك بالضّحى ... حتّى تركت عقورهنّ رقودا
يضربن بالأذناب من فرح بنا ... متوسّدات أذرعا وخدودا
وقال الآخر: [من البسيط]
لو كنت أحمل خمرا يوم زرتكم ... لم ينكر الكلب أنّي صاحب الدّار «5»
لكن أتيت وريح المسك يفعمني ... والعنبر الورد أذكيه على النار