الحيوان (صفحة 242)

أو في الفروسة أو في البيان، فإن كان الآخر وسطا من الرجال، قصدوا بحسن مآثره في الطبقة السفلى لتبين البراعة في أخيه، فصارت قرابته التي كانت مفخرة هي التي بلغت به أسفل السافلين. وكذلك عنزة بن أسد في ربيعة. ولو كان سودد ربيعة مرّة في عنزة ومرّة في ضبيعة أضجم، لكان خيراً لهم اليوم، ولودّ كثير من هؤلاء القبائل التي سلمت على الشعراء أو على العوامّ أن يكون فيهم شطر ما للعنزيّين من الشرف، ولو أنّ الناس وازنوا بين خصال هذه القبائل خيرها وشرّها لكانوا سواء.

وقال صاحب الكلب: ذكرت عيوب الكلب فقلت: الكلب إذا كان في الدار محق أجور أهل الدّار حتى يأتي على أقصاها، لأنّ الأجور إذ أخذ منها كلّ يوم وزن قيراط، والقيراط مثل أحد، لم يلبث على ذلك أن يأتي على آخرها. وقلت: في الكلب أشدّ الأذى على الجار والضيف والدخيل، يمنعه النّوم ليلا والقائلة نهاراً، وأن يسمع الحديث. ثمّ الذي على سامع النّباح من المؤنة من الصوت الشديد.

ولو لم يكن في الكلب ما يؤذي بشدّة صوته إلّا بإدامة مجاوبة الكلاب لكان في ذلك ممّا ينغّص العيش، ويمنع من الكلام والحديث.

261-[شعر في النباح والاستنباح]

وقال أرطأة بن سهيّة في بعض افتخاره: [من الطويل]

وإنّي لقوّام إلى الضّيف موهنا ... إذا أغدف السّتر البخيل المواكل «1»

دعا فأجابته كلاب كثيرة ... على ثقة منّي بما أنا فاعل

وما دون ضيفي، من تلاد تحوزه ... يد الضيف، إلّا أن تصان الحلائل

وقال ابن هرمة: [من الطويل]

ومستنبح نبّهت كلبي لصوته ... وقلت له قم في اليفاع فجاوب «2»

فجاء خفيّ الصوت قد مسّه الضّوى ... بضربة مسنون الغرارين قاضب

فرحّبت واستبشرت حتّى بسطته ... وتلك التي ألقى بها كلّ آئب

وقال آخر: [من الطويل]

هجمنا عليه وهو يكعم كلبه ... دع الكلب ينبح إنّما الكلب نابح «3»

طور بواسطة نورين ميديا © 2015