قال «1» : وقالوا: نريد أحبّ بنيك إليك، وأكرمهم عليك، ونريد كال الكاتب صاحب سرّك، والسيف الذي لا يوجد مثله، والفيل الأبيض الذي لا تلحقه الخيل الذي هو مركبك في القتال. ونريد الفيلين العظيمين اللذين يكونان مع الفيل الذّكر.
وقد سمعنا في هذا الحديث والإخبار عن أيام القادسيّة ويوم جسر مهران، وقسّ النّاطف، وجلولاء، ويوم نهاوند، بالفيل الأبقع، والفيل الأسود، والفيل الأبيض، والناس لم يروا بالعراق فيلا أوبر، ولا فيلا أشعر.
والفيلة التي كانت مع الفرس، حكمها حكم الفيلة التي كانت عند أمير المؤمنين المنصور، وعند سائر الخلفاء من بعده، وكلها جرد مغضّبة، ولم نلق أحدا رآها وحشيّة قبل أن تصير في القرى والمواضع التي يذكرها.
وقد علمنا أنّ الطائر الصّيود من الجوارح، لو أقام في بلاده مائة عام لم يحدث لمنسره زوائد، وعير العانة إذا أقام في غير بلاده احتاج إلى الأخذ من حافره، وإلى أن يختلف به إلى البيطار، والطائر الوحشيّ من هذه المغنّيات والنوائح، لو أقام عندنا دهرا طويلا لم يصوّت إذا أخذناه وقد كرّز «2» . وكذلك المزاوجة والتعشيش والتّفريخ.
قال: وكلّ ملك كان يصل إلى أن تكون عنده فيلة فإنّه كان لا يدع الاستكثار منها والتجمل بها، والتّهويل بمكانها عنده، ولا يدع ركوبها في الحروب، وفي الأعياد، وفي يوم الزّينة.
وقد كانت عند حمير والتبابعة والمقاول والعباهلة من ملوكهم، وأبي اليكسوم من ملوك الحبشة، وعند ملوك سبأ، مقرّبة مكرّمة. يدلّ على ذلك الأشعار المعروفة،