وأمّا ذكر صنعة السّرفة والدّبر، فإنّه يعني حكمتها في صنعة بيوتها، فإنّ فيها صنعة عجيبة.
وأمّا قوله:
44- «ومسمع القردان في منهل ... أعجب ممّا قيل في الحجر»
فإنهم يقولون: «أسمع من فرس» [1] ، ويجعلون الحجر فرسا بلا هاء، وإنّما يعنون بذلك الحجر، لأنّها أسمع.
قال: والحجر وإن ضرب بها المثل، فالقراد أعجب منها، لأنها تكون في المنهل فتموج ليلة الورد، في وقت يكون بينها وبين الإبل التي تريد الورود أميال.
فتزعم الأعراب أنها تسمع رغاءها وأصوات أخفافها، قبل أن يسمعها شيء والعرب تقول: «أسمع من قراد» [2] . وقال الرّاجز [3] : [من الرجز]
أسمع من فرخ العقاب الأسحم
وأمّا قوله:
48- «والمقرم المعلم ما إن له ... مرارة تسمع في الذّكر
49- وحصية تنصل من جوفه ... عند حدوث الموت والنّحر
50- ولا يرى بعدهما جازر ... شقشقة مائلة الهدر»
فهذا باب قد غلط فيه من هو أعنى بتعرّف أعاجيب ما في العالم من بشر.
ولقد تنازع بالبصرة ناس، وفيهم رجل ليس عندنا بالبصرة أطيب منه، فأطبقوا جميعا على أنّ الجمل إذا نحر ومات فالتمست خصيته وشقشقته أنهما لا توجدان.
فقال ذلك الطّيب: فلعلّ مرارة الجمل أيضا كذلك، ولعلّه أن تكون له مرارة ما دام